محاولات للخروج من أرض السواد ...


}فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ { غافر55

من كتم داءه قتله 1

* للأستاذ أديب الصانع


وجه الأضواء لنفسك أولا
كثير من الناس لا يستفيد من سماع درس أو خطبة أو قراءة مقال ... والسبب انه لا يعتبر نفسه هو المخاطب بالحديث بل يجعل نفسه وسيطا بين المتحدث والمتحدث عنه ..
فإذا سمع حديثا عن الغيبة مثلا ... تأمل حال الناس وتذكر فلانا كيف يغتاب وتحرق لحاله وتحرك .... أما الفحص الدقيق لاحتمال أن يكون هو المغتاب فبعيد عن بعضهم وإن حصل فلن يتألم ويحترق بمقدار حرقته على الآخرين ... وهذا هو الجهل بعينه
ولبعض الأئمة كلمات تشير إلى هذا الفهم قال : من سمع حديثا ليناجي به الله آتاه الله فهما يناجي به الله .. ومن سمع حديثا ليناجي به الخلق آتاه الله فهما يناجي به الخلق
وقد مثلوه برجل يمسك كشافا ضوئيا بيده قد وجهه للناس .. نعم سيراهم بوضوح ولكن الظلمة سوف تغشاه ولن يرى من نفسه شيئا إلا إذا قرر توجيه الأضواء لنفسه ..نعم يجب أن نوجه الأضواء لأنفسنا حتى نرى النور ... وإذا دخل النور خرج الزور
ولذلك قررت أن أتحدث معكم عن أول كلمة من المقولة وهي "من" قبل أن أتحدث عن الداء وكتمانه
من الكبيرة العجيبة
يقول أهل اللغة أن من تستخدم للفرد والجماعة وصاحبتنا لا تتجاوز اللغة
فهي للفرد يدخل فيها ذلك الغافل السادر في غيه ... ويدخل فيها الملتزم الحريص على دعوته ... ولا يخرج منها الداعية المخضرم ... بل وتتسع للعالم الفقيه ... والجاهل من أخرج نفسه منها من غير عناء ولا بحث
وتتجاوز ذلك ... فهي تستخدم للجماعة أيضا ... جماعة تعمل لدين الله أو أخرى تعمل لدنيا تصيبها ... وقد تصغر قليلا لتشمل مجموعات تعمل معا في مسجد أو تكتب معا في منتدى! ... قد يشتركون في بناء بيت وهم يعلمون أن مواد البناء مغشوشة ولكنهم يخفون ذلك بغطاء فرحة البناء وما أن يلبث البناء إلا أن ينهدم عليهم أو على صاحب البيت فتتم الخسارة !!
"
من" هذه كبيرة تتجاوز كل الحدود ... وتشمل بين جنباتها كل شيء ..ولكن هل جعلتها تضمك بين أحضانها محاسبة وصدقا لترفض ما بعدها من كتم يفضي إلى الهلاك المحقق
هي عجيبة .. قد تكون أنت الذي تقرأ ...وقد تكون أنا من يكتب عنها ... وقد أدخل بها بعد حين وقد أكون فيها منذ سنين ..
لكن الشيء المؤكد أننا لن نستطيع الخروج منها إلا بفهم يبصرنا و يهدينا وصدق يدفعنا ويرقينا ...
وهو يحتاج لأكثر من حلقة ومهمتنا في هذه الحلقة تصويره وتجليته
كتم الداء له صور ومراتب ولا أخالكم تجهلون ما الداء (العيوب والمعاصي ولنا معها وقفة) ... والمثال الآتي يوضح شيئا من الداء وكتمه
فهذا يسير في قاربه املا بالنجاة ولكنه لم ينتبه لوجود ثقوب كبيرة وصغيرة أسفل القارب فهو حتما إلى الغرق أقرب
وآخر تنبه للثقوب لكن لم يأخذها على محمل الجد واستمر في رحلته فرحا فمصيره مثل الأول ...
وآخر أراد المعالجة لا بدافع النجاة ولكن لتجنب المساءلة فأصلح قليلا منها ليعزي نفسه ويعذرها فكان حجم المعالجة أقل من حجم المشكلة وهيهات له النجاة ....
وآخر تنبه واهتم وكان نظره منصبا على إصلاح آثار الثقوب من الماء المتدفق فعمل الساعات الطويلة على إخراج الماء من قاربه فما لبث أن أرهق ووهن وازدادت الثقوب وازداد حجمها وكان مصيره مثل الآخرين مع زيادة مدة بقائه حيا ...
وهذا المثال يمثلنا جميعا سواء كنا أفرادا أو جماعات ... والنجاة من كتم الداء تتمثل أولا بمعرفته والبحث عنه .... ثم أخذه على محمل الجد من غير تبرير ولا تجاهل ولا تساهل ... ثم العمل على علاجه علاجا كافيا صحيحا ... مبتعدين في ذلك عن علاج النتائج والأعراض منتبهين لعلاج الأسباب والأمراض
وكل من هذه الصور الثلاثة يمثل كتما للداء من وجه فالأول كتمه عن نفسه بالجهل وعدم الاهتمام ... والثاني أخفاه عن نفسه بالتساهل والتغافل ... والثالث ستره عن الوجود بتركيز النظر بنتائجه دون الغوص إلى أسبابه ومقدماته.
ويمكن القول في تعريفه : أن تسير والداء مصاحب لك .... جهلا أو تجاهلا من غير علاج حقيقي ومؤثر
ومشكلة الداء تكمن في تناسبه الطردي مع مدة المصاحبة
فهو مثل الشجرة الضارة... اقتلاعها في أول الأمر سهل ميسور ولكن تأخير الاقتلاع يفضي إلى تجذر يصعب معه اقتلاع الشجرة إلا بوسائل استثنائية ...
وكان أحد شيوخنا يقول لنا أن حلاوة الذنب إذا تجذرت في قلبك فاقتلاعه ممكن لكن بهمة (جرافة) .. وغبي أنت إذا حاولت اقتلاعه بيد أضعف من يد في رحم
وقد مثلوه أيضا بحصان دخل ممرا كلما توغل فيه ضاق عليه ... فإذا استمر في التوغل تقلصت فرصة الالتفاف والرجوع!
وحتى اكون عمليا معك فإني سائلك ولكن تذكر "من" التي تحدثنا عنها قبل
كم من المدة تقضيها للتعرف على عيوبك ومعاصيك بل على مكامن القوة فيك لتطويرها وتحسينها ...
إن كنت من الذين يبحثون عن ذلك هل سألت نفسك عن وجهة البحث ودافعه (حب الإنجاز .. الشهرة والجاه ... الله ورضاه)
هل طورت وسائل البحث عندك وغيرت طريقته
هل تفرق بين العيوب الصغيرة والكبيرة أم أن الأمر سيان
هل تنظر لأمر الأخطاء بعين الإزالة أم بعين الإخفاء فقط
هل تفرق بين العيوب الظاهرة والمستترة في العلاج ولماذا ..
هل تحاول البحث عن أسباب العيوب وجذورها أم أنك تكتفي بالنظر لأوراق الشجرة وثمارها؟
هل خططت للموضوع ؟
هل تعرف أين انت الآن في مسيرة الخطة ؟
وأسئلة كثيرة بإمكانك الزيادة عليها ... مع نفسك أو هنا في هذا الموضوع ... فهدفي منها تحريك الساكن وإظهار المخفي والله المستعان
ولكن الذي يحير في الموضوع لماذا نصطحب الداء معنا ... ونصر على وجوده ولا نجزم جزما قاطعا بإنهاءه ؟؟ اليس الأمر محيرا أم أنني أتوهم 
حدد دائرتك حتى لا ترسم في الفراغ كنت مرة في زيارة لأختي ... ابنتها الصغيرة منهمكة جدا في إصلاح لعبتها وقد بدت عليها علامات الغضب ...حتى وصلت لحد البكاء لعدم جدوى الإصلاح ... ظهر أخوها الذي يكبرها بسنوات متعجبا من بكائها على هذا الأمر التافه.. ولكنه كان غاضبا لأن دراجته الهوائية قد تعطلت وهو يبحث عن أبيه ليدفع له أجر إصلاحها ... فهرع إلى أخيه الأكبر الذي بدوره لم يلتفت إليه فقد كان منهمكا في إصلاح اللاقط فاليوم هناك مباراة مهمة في الدوري الإسباني وكان متوجبا عليه تشجيع فريقه !!! ... جاء الأب متعبا من عمله فاجتمع عليه أبناؤه المصلحون يشكون همومهم ويبثون شكواهم من العيوب التي لحقت بهم من اللعبة حتى اللاقط ... سخر منهم لهذه الاهتمامات فهو منزعج جدا وغير متفرغ لسماع هذه الشكاوى فقد جاءه إنذار في العمل وقد قرر إصلاح عيبه بعدم التغيب من غير إذن بعد اليوم .... لم يكترث أبناؤه لهذا الكلام فعندهم من الهموم ما يصرفهم عن التفكير في هذا الأمر ... كل منا كذلك ... يعيش في دائرة اهتماماته ... ويعطيها قلبه وحياته وعندها لا تعجب حين ترى أهل الآخرة يسخرون من اهتمامات بعض الخلق فهي عندهم مثل تلك اللعبة بالنسبة للأب ... ولا تعجب كذلك حين ترى انصراف الخلق عن الاهتمامات العليا فدوائر اهتمامهم أقل من أن تصل لهذا المستوى ... وهذا ما قرره القرآن إذ وصف الحياة الدنيا باللعب واللهو ... ووصف بعض الناس بأنهم اتخذوا الدين لعبا ولهوا! ولكن ما علاقة ذلك بكتم الداء ... هذا ما سنعرفه... ولكن نحن بحاجة إلى مقدمات مهمة توصلنا للمطلوب ..... 

دوائر الاهتمام
لا يتحرك الإنسان إلا لشيء مهم عنده ... ولا يضحي إلا لشيء مهم عنده ... ولا يطور نفسه إلا في الأمور المهمة عنده ... وكذلك لا يسعى للتخلص من العيوب إلا في دائرة اهتماماته ...
جاءني شاب تظهر عليه علامات التعلق بصديق له ... وقد سألني عن طريقة التخلص من العيوب والأخطاء ... وقد كان مهتما جدا لدرجة البكاء
وأنا أعرف في دواخلي أنه لا يبكي إلا على صديقه الذي جفاه ... ولقد حاولت أن أفهمه أن المشكلة الأساسية عنده تكمن في أنه يعيش في دائرة خاطئة هي أساس همومه.
أول شيء أود أن أقوله لك أنه لا يكفي كونك تبحث عن عيوبك أنك في طريق صحيح قبل أن تحدد أين أنت وما هي دائرة اهتماماتك ...
وحتى أصل معك لما أريد من خطورة هذا الأمر لا بد من عدة قواعد تمهد للمطلوب
الاهتمام ثمرة
نعم هو ثمرة واحد من ثلاثة أمور الحب ... الخوف ... الرجاء
فالذي يحب شيئا يهتم به وعلى هذا سر
شاب يقف أمام بيت محبوبته تحت المطر لمدة ساعة ... فلم يكفه الهاتف ولا بد من اللقاء وإذا دققت الفكر ستجد أن هذه المحبوبة في رأس اهتمامات الشاب والسبب هو (الحب)
جاءني شاب يريد أن يتقدم للعمل في إحدى دول الخليج يمسك طلبه بيده قد شد أمره ينظر إلى ساعته بين الفينة والأخرى فالأمر جلل ولا بد من إتقان المقابلة بكل تفاصيلها (الموعد – اللباس – وحتى أدق التفاصيل) ... سألني بلهفة وقد اتسخ طرف ورقة الطلب هل هذا يؤثر على المقابلة فضحكت منه وتذكرت أولياء الله الصالحين وكيف يدققون في علاقتهم مع الله سبحانه وتعالى ...
فما الذي دفع الشاب لهذا الاهتمام الدقيق إنه (الرجاء والخوف) فهو يرجو الوظيفة ويخاف زوالها بفشل المقابلة

الله أو النفس
قيل لحمدون ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا
قال : لإنهم كانوا يتكلمون لعز الدين والرغبة في الآخرة ورضا الله ... ونحن نتكلم لعز أنفسنا والرغبة في الدنيا ورضا الخلق
هي دوائر ستة كل اهتمام يندرج تحتها ... وأنت تعيش في واحدة منها وبعضهم قد فرخ في الثلاثة الأخيرة وباض وهو لا يدري ...
ونحن بدورنا سنقلل دوائر الاهتمامات لتصبح ثنتين بدلا من ستة
فالذي يعمل لمرضاة الخلق فهو في الحقيقة طالب لجلب منفعة أودفع مضرة سواء كانت مادية كالمال أو معنوية كالجاه ... ولذا فطلب الخلق في حقيقته هو سير وراء شهوات النفس ولذا يمكن دمج دائرة الخلق في دائرة النفس
وكذلك الذي يسعى لشهوات الدنيا إنما يطلب ذلك بدافع من شهوات نفسه وإلا ما الذي يدفعه لهذا السعي .... ولذا نقرر بكل راحة أن دائرة الدنيا والنفس هما وجهان لعملة واحدة إلا أن الدنيا هي مكان تواجد الشهوات والنفس هي طالبة هذه الشهوات ... ولذا تجد القرآن الكريم يركز كثيرا على هاتين الدائرتين والتحذير منهما.
وملخص القول ان الدوائر السلبية كلها تجتمع في دائرة واحدة هي دائرة النفس
وكذلك لو دققنا النظر في الدوائر الإيجابية سوف نجد أن جميع الدوائر تلتقي تحت مظلة واحدة هي دائرة الاهتمام المتعلقة بالخالق سبحانه ... فالآخرة هي فضله وجزاؤه وكذلك عز الدين هو أمره وطلبه ... والآخرة لن ينالها الإنسان إلا برضا الله ... وكذلك عز الدين لن يندفع له الإنسان إلا إذا انبثق عن تعظيمه لأمر الله سبحانه (هذا إن كان يسير سيرا صحيحا)
وعليه فالدوائر ثنتانالله أو النفس وانت في واحدة (فأين أنت ؟ )

كيف أعرف
قال البلخي : الناس يقولون ثلاثة أقوال وقد خالفوها في أعمالهم : يقولون نحن عبيد الله وهم يعملون عمل الأحرار ... ويقولون ان الله كفيل بأرزاقهم ولا تطمئن قلوبهم إلا بالدنيا ....ويقولون لا بد لنا من الموت وهم يعملون أعمال من لا يموت.
وقد قدمت لك هذا القول حتى تعرف ان القول شيء والحقيقة شيء آخر وكم من إنسان ترك حقيقة ما عنده لأقوال يقولها أو يقولها غيره فيه..
ومن منهج الفقهاء أن يضعوا لكل شيء ضوابط حتى لا يتركوا الأمر للهوى.. وأنا على منهجهم سائر

دلائل الاهتمام
1.
كثرة الحديث
ومن أحب شيئا أكثر من ذكره ... وارقب الشخص حديثه تعرف من هو... والإنسان بطبعه يتكلم عن الأشياء التي تتملك قلبه اهتماما ... فهذا أحد أفذاذنا يأتي النبي ويقول .. دلني على عمل يدخلني الجنة .. وآخر يقول : أسألك مرافقتك في الجنة ... وأما الأعراب المبتدئون فحديثهم : اعطني من رزق الله الذي أعطاك .. ولهم في عصرنا أشباه ... ولا تعجب من دعاة لله لا يتكلمون عن الله في حديثهم سوى كلمات خجلة ونادرة لا ترقق قلبا ولا تنقذ غريقا.
واما الحديث عن الآخرة فمفقود منذ زمن ... وقد لا نتعجب عندما لا نسمع هذا ممن شغلتهم الدنيا .. ولكن تصيبك الدهشة عندما تكتشف ان هذه هي السمة البارزة لمن يدعون للآخرة .. وقد يتعذر بعضهم فيقول شغلتنا الوسائل عن الغايات وفي كل خير وهذه مراوغة وسيأتي تفصيلها لاحقا.
وانا سائلك ما هي الامور التي تكلمت بها كثيرا هذا اليوم وما هو نصيب الاهتمامات العليا منها .. وحتى لا تغيب المحاسبة في الوهم.. فإني أنصحك بعد كل جلسة تجلسها أن تكتب عن الامور التي تحدثت عنها ثم انظر قائمتك آخر اليوم تعرف حقيقة همك واهتماماتك.
2.
الاستغراق والتفكير
فالذي يشغلك هو الذي يشغل تفكيرك... والنبي صلى الله عليه وسلم بقي مستغرقا في الله والدين حتى قرن الثعالب ... ونبي الله إبراهيم كانت دعوته التي تستغرق قلبه (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي) ... ونبي الله يعقوب حين جاءه الموت ظهر استغراق قلبه على فلتات لسانه قائلا (ما تعبدون من بعدي؟)
ولي سنوات أرى بعض الناس مستغرقين في هم كبير فأسألهم عنه فيكون الجواب متعلقا بدوائر سخيفة أعجب من انحطاط الناس لها ... وها قد عدت لك فما الذي شغلك هذا اليوم واستغرقت فيه ... انظره تعرف أين أنت
3.
الفرح والحزن
لو إن إنسانا في الصين قد نجح في الثانوية فإنه لا يعتريك إي شعور بالفرح والحزن ولكن الموضوع يختلف إذا كان الناجح هو اخوك... وذلك لأنه يهمك أمره ولا شك بازدياد الفرحة فيما لو كان الناجح هو ذاتك المتواضعة! ... وكذلك أمر الحزن بل سائر المشاعر ...
فهذا ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اتى النبي تظهر عليه علامات الحزن والأسى .. فسأله النبي عن حاله .. فقال : يا رسول الله اشتقت إليك فخفت أن أموت فلا أراك .. فإن دخلت النار فلن أراك وإن دخلت الجنة فسأكون في موضع أقل من أن أراك فحزنت وبكيت وجئتك لعلي أظفر برؤيتك قبل الممات .... لله دره ... فأي شيء يفرحك ومن أي الأمور تحزن ...
وحتى أدقق عليك المحاسبة فاكتب في كراسة المحاسبة
كم فرحت اليوم وكم كان منها لله ....وكم حزنت اليوم وكم كان منها لله ... وكم غضبت اليوم وكم كان منها لله ... واكتب في قائمتك الأمور التي تفرح لها فرحا حقيقيا ثم انظر في أي دائرة هي ولا شك أنك ستكون معها في نفس الدائرة

4.
الإتقان
والإتقان أمر مطلوب في كل شأن وهو مع ذلك كاشف مهم لاهتمامات الشخص.... فأي أمر تتقنه فهو من اهتماماتك .... وأي امر تتساهل في إتقانه فهو هامشي عندك حتى لو ادعيت أهميته (فكيف حال الصلاة معك؟)..والناس في أمر الدنيا متقنون ماهرون وفي أمر الدين متهاونون متساهلون فحديث الإتقان (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) خاص بأمور الدنيا وأما الآخرة فإن الله غفور رحيم ....
وها أنا أزيد في كراسة محاسبتك السؤال التالي .. ما هي الامور التي تهتم بإتقانها وتنفيذها على أكمل وجه .... هذه اهتماماتك!!

5.
النشاط
وما أجمل الشاب إذا كان نشيطا وكم هو تعيس إذا كان العجز والكسل ديدنه .. والصحابة وصلوا مشارق الأرض ومغاربها في سنوات وأحدهم تراه عاجزا في صعود درج لمستشفى تظهر عليه سمات الكسل وقلة الفاعلية ...
ولقد جاءني شاب يشكو من الإمام طول صلاته ثم رأيته بعد أيام فرحا مسرورا فقد قرر صاحب المطعم ان يزيد عمله ثلاث ساعات بزيادة في راتبه
المهم في موضوعنا انه بإمكانك ان تعرف اهتماماتك من خلال الأمور التي تنشط لها ... فحددها بدقة لتعرف في أي الدوائر أنت

6.
الدعاء
هو العبادة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ... وهو بالوقت نفسه يكشف حقيقة همك ... وقد كان يقول لنا احد شيوخنا ان السجدة كاشفة .. ونحن لا نمنع الدعاء في امور الدنيا (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ... ولكن ألا تستشف شيئا من شخص لم يدع الله أن يدخله الجنة إلا نادرا .. أو أن يعز الدين إلا مرات قليلة ومعظم تضرعه في المال والعيال .. الحقيقة أن أمر الدعاء من الأمور الكاشفة المهمة لاهتماماتك فزده في دفتر المحاسبة
والآن لن أكتب أكثر من ذلك (لفترة مؤقتة) حتى أفسح لك المجال لتتحسس حقيقة اهتماماتك والأمور التي تعيش من أجلها ... ولتعترف بجرأة وحزم أمام نفسك (من أنا وما هي حقيقة تديني والتزامي وما الشيء الذي أعيش من أجله) وجميل ان أرى شيئا مكتوبا هنا في هذا الموضوع ..

قال لي صديقي الداعية : قد دققت في دلائل الاهتمام فوجدت أني أعيش في دائرة العمل للدين فهل هذا يكفي لأكون على الطريق المستقيم ....
قلت : لا !!!
قال : (مصدوما بغضب) أليست الدعوة إلى الله هي غاية المشمرين وذروة سنام الدين والصراط المستقيم ..؟؟؟!
قلت : جاهل من يقلل أمر الدعوة إلى الله ... وغير فقيه من لم يعرف أهميتها ولكن ...!!!
قال : لكن !!!
قلت : لكن هذه كبيرة مثل "من" التي مر ذكرها وإليك التفصيل
الدعوة حركة .... قد تدفعك إليها هيمنة مشاعر العبودية عليك فتنطلق كالسهم الثاقب لمرضاة الخالق وطلب الآخرة ... وقد تغريك بها شهوات النفس فتتخذها مطية لنفسك تحقق بها مطلوباتها.
قال : وهل يعقل أن يدعو الإنسان إلى الله من أجل شهوات نفسه
قلت : هما أحد رجلين .... رجل ماكر مخادع وجد في الالتزام إخفاءا لنفسه الحقيقية وقد وجد ملذاته في هذه البيئة فاستروحت نفسه بذلك .... وهذا الصنف موجود ولكن حديثنا ليس معه الآن
وآخر اقتحم مجال الدعوة (أو أقحموه مجال الدعوة!) ولم يتجذر بعد عنده أمرعبودية الخالق وطلب الآخرة ...
وجد نفسه تحت الأضواء حينا فتحركت معها شهوة الجاه والرياء ...
م وجد نفسه تحت النقد حينا تحركت معها شهوة الغضب والحقد ...
ثم وجد نفسه قائدا يسمع له ويطاع فتحركت شهوة العجب حتى استقرت في نفسه ...
ثم وجد من ينافسه فتحركت عنده شهوة الحسد فدفعته للاستغراق في التميز طلبا للرفعة عن محسوده وتارة بالبحث عن عيوبه لهدمه والتخلص منه...
ثم أغراه الشيطان بعظم ما يصنع فتساهل في السنن والقيام ثم انتقل نقلة نوعية إلى تضييع الفجر فهو معذور قد حطمته الدعوة لدين الله فلا بأس أن يرتاح قليلا ودين الله مبني على الأولويات!!!.
وكثرة العمل لا مجال معها لتكبيرة الإحرام والقضايا الصغيرة هذه.... تجده آخر القادمين للمسجد وأول الخارجين منها ... فيجب أن يسرع لتفقد أمر الدعوة ... وأما المكوث فهو صنيع المبتدئين من طلاب المساجد ومسؤوليهم ....
ثم أغراه الشيطان أخرى ... فلا بد من ذكر العيوب وصنع الجيوب لمصلحة الدين ... ولا بأس من نقد القادة والجنود بشرط عدم وجودهم حتى نكون أصرح وأوضح ... وهجران الملتزمين جائز إن كان لمصلحة الدين ...
وحركة النفس متنامية وسيطرتها بازدياد ...
وحين لم يجد من يدله على الله أو الآخرة ... أو يحذره من تلك الأمراض أو بعبارة مختصرة لم يجد من ينقله من دائرة اهتمامات النفس إلى الدائرة المتعلقة بالله سبحانه .... بقي غارقا في بحر الشهوات!! (والناس تظن أن الشهوات مقتصرة على النظر إلى المحرمات) والخشية أن يجد هذا الغريق من يساعده في إيجاد المبررات لهذا الغرق.
وقد شبهوه بحمار الرحى الذي يدور ويدور ويعود لنفس النقطة ...
وبالمناسبة فإن الثور لا يرضى بهذا الحال وهو أن يسير من غير تقدم ولذا يضطرون لربط عينيه حتى يظن أنه يتقدم ومع صفته الإيجابية إلا أنه يبقى ثورا فقد رضي السير بدون نظر
قال : الآن فهمت لم أجبتني قبل قليل بقولك لا ... وقد ذكرتني بذلك الشهيد الذي سعر في النار قبل كل الناس مع أنه عمل في أشرف مكان
قلت : هذا أنموذج لمن اتخذ الدين مطية لنفسه بشهوة اسمها الرياء فكانت عقوبته كما سمعت
قال : أمر النفس خطير لمن يهمه رضا الله والفوز بالآخرة
قلت : قد فهمت علي (لمن يهمه رضا الله والآخرة) فهذا الذي يدقق جيدا في عيوبه
قال : وكيف أعرف ..
قلت : قد ذكرت لك الدلائل فعد إليها مرة أخرى لتتفحصها جيدا
قال : زدني من الدلائل لعلني أوضح للناس ذلك
قلت : قد نسيت "من" التي تحدثنا عنها
قال :قد فهمت ... زدني من الدلائل لعلي أجد نفسي فأخرجها من رق نفسي
قلت : عندها ستوضح للناس خير توضيح
قال : دلني حفظك الله
قلت : اسأل وأنا أجيب
قال : قلت أن كثرة الحديث في موضوع يدل على اهتمامك فيه ... وقد تفحصت نفسي فوجدتها تكثر من الحديث عن أمر الدين.
قلت : هذا ملمح جيد وأمر حسن
قال : ولكن كيف أعرف في أي دائرة أنا .. هل في دائرة نفسي أم في دائرة ربي
قلت : يظهر من ثنايا الحديث فهذا يتكلم عن إنجازاته وبطولاته وذاته وذلك يتحدث عن غايته ورضا ربه ... وعند التدقيق يتبين لك من أي الصنفين أنت
قال : ولكن الإنسان بطبعه يتكلم عن نفسه
قلت : وبطبعه يحب النظر للنساء
قال : قد فهمت ... ولكن قد لا يتذكر الحديث عن الله والآخرة
قلت : نعم في مرة أو مرتين أما على الدوام فهذا يدل على عدم وجود الاهتمام أصلا.
قال : كيف
قلت : هب أن شخصا قد ذهب لامتحان وفي الطريق توجه للمكتبة لشراء قلم من هناك فسأله صديقه في طريق المكتبة أين تذهب : سيكون الجواب واحدا من ثلاثة ....
أنا ذاهب للامتحان وسأشتري قلما لأجل ذلك
أنا ذاهب لشراء قلم من أجل الامتحان
أنا ذاهب للامتحان
وحتى ذهنه لن يكون مستغرقا بالقلم بل بالامتحان وإذا دقق النظر في صلاحية القلم من عدمها فلأجل الامتحان ولو تعطل القلم معه في الامتحان فسيغضب لأجل الامتحان ... والخلاصة أن كل المشاعر التي تستولي عليه هي لأجل الامتحان لا للقلم ولكن لا بد من القلم
الغاية (الامتحان) وشراء القلم(الوسيلة) ولن تلهيه الوسيلة عن الغاية لسبب بسيط وهي ان هذه الوسيلة لم تظهر على الوجود إلا بسبب الغاية فكيف ستلهيه وحتى لو افترضنا جدلا أنها ألهته لسبب أو آخر فيكفيك أن تقول له بصوت عال (الامتحان) ليتيقظ من غفلته
ويمكن أن أفترض حالة واحدة يمكن أن يرجع فيها الإنسان بعد شراء القلم إلى بيته دون الذهاب للامتحان وهي أن يكون أبوه قد تدرج من الوسيلة إلى الغاية فقال أقنعه أولا بالذهاب لشراء القلم ثم أتكلم له عن الامتحان بعد إنهاء مهمته الأولى ... وهو أنموذج وهمي لن تجده في الحياة ولكن قد تجده في ميدان الدعوة!
وكذلك فالغاية التي تستولي على قلب المسلم هي الله ورضاه وقد قام بالدعوة لأجل ذلك ولن تلهيه الوسيلة(الدعوة) عن الغاية(الله) إلا إذا اتخذ الوسيلة أصلا لغير هذه الغاية
قال : فهمت من مثال القلم أشياء كثيرة ... ولكن بعد أن أرى نفسي هل تظن أني سأستطيع إفهام غيري مع كثرة الأمراض
قلت : الدعاة مثلك ... أشخاص يحبون الخير ويسعون له وليسوا من النوع الماكر ولكنهم وقعوا فريسة شهوات النفس ودوائر الاهتمام الخاطئة وكما أنك قد استفدت من الحديث فالدعاة مثلك سيستفيدون فلا تتوقع الشر والمقصد السيء منهم ...
ثم أضف إلى ذلك وجود عدد لا بأس به ممن يفهمون هذا الكلام ويعملون على نشره ...
قال : قد أحييت في روح العمل من جديد
قلت : تذكر "من" و"الكشافات" ولا تنس ذلك
قال : لن أنسى ذلك ما حييت إن شاء الله ولكن دلني على الطريق
قلت : الله عزوجل أولا ... ثم خل نفسك وتعال
قال : كيف
قلت : وعدناهم بنقطة البدء والحلقة القادمة موعدنا
قال : بانتظار ذلك
قلت : لا تنس الدعاء لي بظهر الغيب
البحث عن العيوب أخطاء وتصويبات
قال أحدهم لشيخه بحثت عن أمراض عندي فلم أجد ... فقال له : يكفيك هذا مرضا.
لو تتبعنا ما يقوله الأفراد عن مشكلاتهم فسترى التقرير التالي. وهذا الوصف إنما هو للدعاة وحديثنا مع غير الدعاة له مكان آخر
البعض يرى أن مشكلته تكمن في عينه ... بل تعداها بعضهم ...
والله المستعان
وآخر دقق أكثر فوجد أن لسانه سيودي به إلى المهالك ... ولا شك أن أمراض اللسان من الأمراض الخفية عن الكثيرين ... وقد ورد عن بعض التابعين قوله إنما الورع ورع اللسان
انظر ماذا يدخل فمك ... نصيحة العارفين تلقاها بعضهم بالاهتمام فوجد أن عيبه كان في طريقة تعامله مع المال.... وأذكر أن بعض طلاب العلم جاءني يشكو لي عدم قدرته على قيام الليل فقلت له لعل كتابا قد استعرته من أحدهم وتساهلت في إرجاعه ... فذهب ورجع وقال لي أنه وجد في مكتبته 25 كتابا مستعارا ... ثم يتوقع أن يوفق لقيام الليل.
وجولة الجوارح قد نجح فيها قوم فانتقلوا إلى معركة الجوانح الشرسة ... فتوسوسوا حتى كادوا ينفجروا من الإخلاص ... وقد جاءني أحدهم يبكي من هذا الموضوع ويريد حلا جذريا له فنبهته أن بعض الصور التي يذكرها ليست داخلة أصلا في المرض ولكني بنفس الوقت اطمأننت على بحثه للعيوب
وآخرون عبروا بوابة الإخلاص فوجدوا أنفسهم في غيابة جب العجب فحاولوا الخروج فسقط قوم وارتقى آخرون ... فتفقدوا أنفسهم فوجدوا قلوبهم قد اشتعلت بنار الحسد وحب الجاه فشدوا العزم على الوصول لربهم ...
وهكذا هم درجات عند ربهم ولكل منا درجته ورتبته .. فكم رتبتك وما هو موقعك؟؟؟!!!
ولقد ذكرت لك هذه الجولة حتى تتنبه فقد تكون غفلت عن بعض عيوبك فتكون من الذين كتموا داءهم بمرتبته الأولى وأما الجماعة فعملية البحث أعم ... وما ذكرناه في قسم الأفراد داخل هنا لا شك...
والأفراد بينهم علاقات أخوة .. وثقة يرى بعضهم أنه قد أصابها وهن شديد
وآخرون قالوا أن صناعة الجيوب (والكولسات) وما يتضمنها من غيبة (لمصلحة الدين)!!! هي أس البلاء الذي يزلزل الصف الإسلامي
وآخرون قالوا أن عدم امتلاك الأهداف الواضحة والرؤية المستنيرة والتعامل مع المرحلة والتدرج في الأهداف والوسائل وعدم اقتناص الفرص هو الذي يثير مشاغبات الأفراد على قادتهم.
روح الأيمان ورعاية الأب ومسؤولية القائد ... صفات مفقودة لدى القادة ... يرى قوم أن بداية الإصلاح من هنا
التسلط وعدم التعامل مع الشورى بكونها صمام الأمان قال بعضهم هنا توجد المشكلة
الطاعة والتجرد والتضحية ... أركان مفقودة ... ويجب أن تعالج لتسير الجماعة بشكل صحيح
والبحث عن العيوب مستمر ...!!
أخطاء وتصويبات أثناء البحث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخطأ الأول : تصغير المرض وتكبيره
يتعامل النس عادة مع الأمراض العضوية تعاملا صحيحا ... فمن اول ظهور الأعراض تجده يذهب إلى الوجهة الصحيحة (الطبيب) ثم يأخذ العلاج بانتظام ولا تجده بالعادة يتجاهل المرض أو يتهاون بالعلاج ... والسبب أن هناك باعثا قويا (الخوف من الموت عند بعضهم) أو محبة التخلص من منغصات المرض عند آخرين ...ولولا هذان الباعثان لما وجدتهم يذهبون للطبيب وهذا يحدث أحيانا في الأمراض الخفيفة ...
أيضا تلاحظ ان الناس يستمعون لبعضهم ويتناصحون في الأمراض بشكل طيب .. ويشيرون لبعضهم عن طبيب قوي ويتزاورون عند المرض .. ويفرح المزور أو المنصوح بهذا الجو من الحرص عليه وعلى عافيته
وهناك أخطاء تحدث من بعضهم مثل تكبير المرض الصغير وهذا صنيع الموسوسين منهم ..... أو تصغير الكبير من المرض وهذا من فعل المتهاونين ... وعلى كل حال فالناضجون منهم يكبرون الكبير ويصغرون الصغير
وآخرون يستسلمون للمرض فلا يقوون على صنع شيء وآخرون مع استمرارهم في العلاج فإنهم يتجاوزون المرض إلى رحابة الحياة فلا يعطل المرض من همتهم وإرادتهم ... ولكن لا توهمهم هذه الهمة العالية بزوال المرض بل يقرون بوجوده ويعملون على علاجه ويتجاوزون آلامه ...
والذي أود قوله أننا نرى وضعا سليما وإيجابيا في التعامل مع الامراض ا.
الوضع السليم انه يجب أن نكبر المرض الكبير ونصغر المرض الصغير ثم نستمر بالعلاج ونتجاوز المرض إلى رحابة الإيجابية ولكن من غير أن نتوهم زواله بل نقر بوجوده ونعمل على علاجه ونتجاوز آلامه
كيف يقوم الفرد أو الجماعة بتقليل الأمراض والتهوين من شأنها؟
1
ـ.أحاديث الرجاء
كل بني آدم خطاء ... يقولها شاب ينظر إلى الإنترنت لمناظر مخلة ........
وحضرت مرة محاورة بين شابين يقنعان بعضهما بأن المعصية شيء لازم ... ثم ذكروا حديث الذي تاب ثم عاد ثم تاب ثم عاد ... ثم قال له فليفعل عبدي ما يشاء فقد غفرت لك ... ثم تعالت أصواتهما بسبحان الله الغفور!!!
وآخرون استقر في أذهانهم وسلوكهم أن الله برحمته الواسعة ولطفه الكبير لن يعذب الناس وهذه الآيات إنما هي للردع ولكن لا يقوون على التصريح بهذا حتى لا يتهموا بالإرجاء.
وقد قال قائلهم قديما
فكثر ما استطعت من الخطايا إذا كان القدوم على كريم
والحقيقة أن رحمة الله واسعة جدا لدرجة لن يستطيع الناس على التعبير عنها
ولكن ما المقصود بأحاديث الرجاء هذه ؟
هب أن معلما أعطاك سهما ووضع لك لوحة عليها دوائر الأولى 100% والدائرة الثانية 90% والثالثة 80% وهكذا حتى امتلات اللوحة .... ثم قال لك
عليك بإصابة الهدف 100% ... هذا المطلوب ... ثم قال لك رأفة بك ومعرفة بعدم قدرتك على إصابته دائما ... كل البشر يخطئون بالإصابة ... ثم ذهب عنك ثم قال لك ولكن تذكر أريد 100%
الآن الرامي أحد رجلين
الأولقرر إصابة الهدف 100% يدفعه لذلك حبه لمعلمه وتقديرا لجهوده ورغبة في التطور وخوفا من الخطأ
فرمى سهمه فجاء في خانة السبعين .... فحزن حزنا شديدا لذلك حتى انفطر قلبه ... ثم تذكر قول معلمه (كل البشر يخطئون) ... فعادت الروح له من جديد فحاول من جديد فجاءت في خانة 100 ففرح لذلك فصوب السهم فجاء في 90 فحزن وتذكر كلمة معلمه فعاد من جديد ... ولكن حاله المستمر أنه يقصد 100% في كل رمياته ويسدد صادقا نحو هذا الهدف
وإذا أردنا اختصار منهج الشخص الأول نقول هو مصمم على المطلوب والخطأ عنده اضطراري والمحاولات جادة للتطوير ...
الثانيقال بما ان الناس يخطئون تعمد وبدأ يلقي السهم في خانة السبعين فجاء في الثلاثين ... فتذكر كلمة معلمه وقال صدق والله بما يقول ... ثم تساهل وبدأ يلقي السهم باتجاه خانة الخمسين والأربعين ... فجاءه أحدهم وقال له يجب أن تتقن عملك فقال له... قال المعلم الذي هو أعلم مني ومنك : أن كل الناس يخطئون ... فقال له الصادق : نعم هي حقيقة ضعفنا لا مبرر لخطئنا .. وعليك بالقيام بالمطلوب
ولو أردنا تلخيص حال الثاني لوجدناه لا يريد الإصابة وبنفس الوقت يبرر هذا الفعل بكلمة سمعها من معلمه
وهكذا فالله طلب من المسلم تكاليف فإذا سألك أحدهم وكم تنوي التطبيق منها فسيكون الجواب 100% هذا المسلم الصادق نعم في البداية سوف تزل قدمه ولكن على سبيل الاضطرار لا على سبيل الاختيار
وهذا الفارق بين من يتخذ أحاديث الرجاء سببا لعودة روحه بعد محاولات صادقة كاملة وبين من يتخذها مطية لمعاصيه .
والقاعدة الكبيرة في أحاديث الرجاء
أن هذه الأحاديث إن كانت سببا للتوبة والعمل الصالح فأنت تفهمها فهما جيدا .. أما إن كانت لتبرير المعصية قبل فعلها أو تهوينها بعد الفعل فأنت لا تفهمها فهما جيدا

جاء المعلم من جديد فوجد ذلك الشاب الأول منهمكا في الإتقان يخطئ رغما عنه ويعود للمحاولة نعم سيقول لهافعل ما تشاء فقد سامحتك لأنك على حال صادقة ولكن تنبه بعد سنة لن أرضى منك بهذا الحال
ثم جاء إلى الآخر وقال له الذي يتعمد الخطأ ثم يتكئ على كلمة قلتها فهو كالمستهزئ بي ولن أسامحك
سمع الأول كلمة معلمه فحدثته نفسه أن لا يهتم بالموضوع فقد سامحك معلمك على الدوام... فردها بقسوة قائلا إنما سامحني لما رأى من صدقي فإذا تلكأت وراءك عاقبني ... ثم قال لها نعم قد يقبل مني معلمي الخطأ الكثير ولكن لا يقبله بعد سنة ولذا كانت كلمته الأخيرة
فتدرب بجد ثم طور نفسه وطور حتى أصبح عنده الخطأ نادرا جدا .... فجاء له معلمه بعد سنة فرآه يصيب الهدف غالبا ونادرا ما يخطئ ولو حدث ففي خانة التسعين ... ففرح له المعلم فرحا شديدا وأعطاه لوحة أخرى أدق.... فيها المئة مجزأة إلى أجزاء كثيرة فبدأ جولته من جديد ولكن بمقام عال عند المعلم.
وأما الآخر فلم ترهبه كلمات التهديد بل سمع ما قاله المعلم للأول من المسامحة فاتكأ عليها من جديد حتى بقي مخطئا ومستواه في الرمي ضعيفا
وهكذا فإذا قلت للجماعة عن عيوب وأخطاء برروا لك ذلك بأحاديث الرجاء وبطبيعة البشر فكانوا مثل الرجل الثاني لا الأول والله المستعان
وعليه فإن الله قد كلفنا بتكاليف ... ثم وضح لنا طبيعة البشر الخطاءة والواجب على المسلم أن ينظر إلى هذه التكاليف بعين الإتقان ويضعها في مصاف المئة نعم سيخطئ ولكن على سبيل الاضطرار.... ثم بعد ذلك ليس مقبولا منه بعد ذلك أن يبقى على نفس المستوى في الخطأ الاضطراري بل عليه أن يرفع مستواه للتقليل من هذه الأخطاء تكليفا جازما من الله لا من باب التفضل والمنة ... ومن لم يفعل ذلك لم يعرف بعد عظمة الخالق وجبروته ...
وأيضا لا يصح له البتة أن تقعده تلك الأخطاء وتقنطه من ربه ومن لم يفعل ذلك لم يعرف بعد رحمة الله وواسع مغفرته ...
هذا هو الميزان في الأمر الأول ولقد أطلت النفس فيه لكثرة تكراره والحاجة الماسة له
والآن هل يمكن أن تكون أحاديث الرجاء سببا لمعاصينا بعد هذا الفهم ..؟؟؟
ثم أريد منك عندئذ فهم حديث رسول "سددوا وقاربوا" فقد وصلتك بعض أنواره صلى الله عليك يا رسول الله.
.الاستشهاد بزلات السلف وحركة التاريخ
الصحابة اقتتلوا فلا بأس من تنازع الأفراد .... وعمر وأو بكر قد اختلفا وعلا صوتهما فلم تتكلم بدروسك عن المثالية ... وبعض الصحابة زنى ونحن لسنا بأفضل منهم ... والأمة الإسلامية حدثت فيها السرقات فلا تلتفت لوجودها...حتى أنه روي أن قطز قد قتل الظاهر بيبرس (أو العكس) فلا تغضب لوجود حسد قائد لقائد ... وهذه جولة من جولات الشياطين لتيرير الخطأ وكتم الداء
:
أولا: لا ينكر أحد وجود زلات للسلف ... ولكن أخذها هكذا مجردة شبيه بمن يأخذ قوله تعالى ولا تقربوا الصلاة ثم يتوقف
مرة أو مرتين.1ـ الاستشهاد بفعل السلف دون التنبه لعدده من أفعال المبررين
فالذي يستشهد مثلا بحادثة أبي بكر وعمر.... نقول له وكم اختلف أبو بكر وعمر وعلت أصواتهما ؟ الجواب :
...
ثم يأتيني هذا الداعية الفقيه يريد ان يشبه من يقتتلوا في اليوم 10 مرات بصنيع أبي بكر وعمر ... والقول أنك إذا أردت أن تقتدي بزلات السلف فاقتدي بخيراتهم والله المستعان
.
2ـ الاستشهاد بفعل السلف دون التنبه لأعدادهم أيضا غير مقبول في ميزان البحث... فالذي يستشهد بالزنى ... فقل لي بالله عليك كم من الصحابة تورعوا عن النظر ولم يسمحوا لأنفسهم بالنظر لامرأة ... ثم قارنهم بعدد من تقول لتحسن كيف تقتدي
غاية ما جاءنا من زلات السلف أن الله يريد أن يريك ضعف الكبار في بعض الأحيان لتتخلص من اليأس إن أنت أصابك ما أصابهم ... فإن أصاب جماعة ما خطأ هناك أو هناك فلا بأس أن يستشهدوا بمثل هذا ... أما إذا كان الغرق في الخطأ والتلف ... ثم يقولون هذا فعل السلف .. ذلك والله خداع الخلف
هذا عن كتم المرض بتقليله وتهوينه ... وحديثنا القادم قادم بإذن الله
الخطأ الثاني : عدم التفريق بين الأعراض والأمراض ... ثم عدم معرفة أسباب الأمراض
فألم الرأس عرض لمرض الانفلونزا مثلا وهذا المرض سببها الفيروس ...
فالخطة معرفة الأعراض والأمراض وأسباب الأمراض
والطبيب الناجح هو الذي يعرف العرض والمرض والسبب وطريقة العلاج ...
والحقيقة أن الإطباء يعملون على إزالة الأسباب فتذهب الأعراض تلقائيا أما لو ركزوا أذهانهم بالعرض فستكون الأدوية كثيرة والنتيجة ضعيفة.
عودة للتثبيت
أتذكر معي مثال القارب ... فبلل قدميك عرض والمرض وجود الماء والسبب وجود الثقوب وعليه فينبغي التركيز جيدا دائما على الأسباب ...
وذكروا لذلك مثالا أن أحدهم جاء بيته فوجده مليئا بالذباب فقام بعملية العلاج بمطاردته وإخراجه من البيت فما لبث أن عاد من النافذة ... ولو أنه بذل جهده في تنظيف البيت لذهب الذباب إلى الأبد ...
وقد يطلع عليه أحد السطحيين فيقول له وما علاقة المكنسة بالذباب .... فالواجب عليه تجاهله والعمل سريعا فالوقت لا يتسع لهؤلاء أصحاب الحلول السريعة .. الناتجة عن ردات الفعل للحوادث
ولذا يجهد الملتزمون كثيرا في بعض الحلول للأعراض والأمراض كصاحب الذباب هذا والنتيجة تعب وجهد ضائع ... وعليه فلا بد من التركيز على الأسباب وهذا موضوعنا القادم.
الأسباب
الحقيقة أن المطلع بعمق لواقع الأمراض التي تسود في صفوف الملتزمين سيجد أن هناك سببا رئيسيا لذلك ... وكلنا يعرفه ألا وهو .... ضعف الإيمان
لماذا وما تعني هذه الكلمة؟
قواعد في السلوك الإنساني
1.
الذي يتحكم بحركة الجوارح هي أحوال القلب ... وهذه الأحوال متمثلة بعواطف .. وتقسم هذه العواطف إلى ثلاثة أقسام
االعواطف الرادعة : ومنها الخوف ...
بالعواطف الدافعة : الرجاء مثلا
جالعواطف الممجدة : التعظيم على سبيل المثال
وليس المهم التقسيمات المهم أن هذه العواطف هي التي تشكل حال القلب والقوى المهيمنة عليه وفي الحقيقة أن هذه القوى هي التي تشكل اهتمامات الإنسان والتي بدورها تسيطر على حديثه وفكره وسير جوارحه كما أسلفنا في قسم الاهتمامات .. فعد إليه لزاما
وملخص القاعدة الأولى
العواطف .... الأحوال القلبية ... اهتمامات القلب .... السلوك
2. 
عند الإنسان العادي تتمثل هذه العواطف بما سمع وشاهد وما فطر عليه من شهوات النفس ... فهو مثلا يخاف من نقص المال ويرجو زيادة الجاه ويعظم الأغنياء الخ من هذه الشهوات ولذا فإن أحوال قلبه واهتماماته ستكون وفق هذه العواطف .. وعليه حسب القاعدة الأولى فإن سلوكه سيكون منسجما مع هذه الاهتمامات فتراه يسعى للمال ويحزن لفقده ويضحي في سبيل الشهرة الخ
3. 
قد يكون هذا الإنسان (فوق) صاحب قناعات توافق هذه الشهوات أو صاحب قناعات تخالف هذه الشهوات وفي الحالين لن يحركه سوى اهتمامات القلب
4. 
حتى نستطيع تغيير سلوك إنسان ما فإنه ينبغي علينا أولا إعطاؤه أفكار صحيحة ... وفي الحقيقة ان هذه الأفكار لا تكفي وحدها
ثم إنزال هذه الأفكار على القلب لتصبح من اهتماماته وهذا أيضا لا يكفي
ثم العمل على تعظيم هذه الاهتمامات الصحيحة لتهيمن على شهوات النفس المسيطرة ...
وعندها فسيصبح سلوكه منسجما مع تلك القناعات العقلية وسيتخلص من كل سلوك يخالفها ......كيف لا وقد أصبح المسيطر على جذر السلوك هو الاهتمامات الصحيحة ,, وعندها لن ترى ما يسمى بالانفصام بين الحال والمقال
وعليه فإن عملية التربية هي في الحقيقة ... أن تجعل اهتمامات القلب متوافقة مع الأفكار العقلية الصحيحة وأن تجعل هذه الاهتمامات هي المسيطرة والمهيمنة على المشاعر القلبية ثم بعد ذلك سترى عجبا بقوة الفعل والترك.
و بعض الناس يظن أن الأفكار الصحيحة وحدها كافية لتعديل السلوك وهذا خطأ ودليله عدم إيمان بعض المشركين مع وجود قناعة عقلية بصدق النبي صلى الله عليه وسلم والسبب هو سيطرة وهيمنة الشهوات على قلوبهم ... فحقيقة الخلل عندهم من القلب لا من العقل ولذا نسب القرآن الإبصار والهدى إلى القلب "فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور"
وبعضهم يقول تحرك بعقلك لا بعواطفك ومقصودهم اجعل اهتمامات القلب متوافقة مع قناعات العقل وإلا في الحقيقة فإن العواطف هي التي تحرك ولكن قد تكون منسجمة مع قناعات العقل وهذا ما نسميه "إنسان متربي" أو منسجمة مع شهوات النفس وهذا إنسان "غير متربي"
وبعضهم يكون المسيطر عليه الاهتمامات القلبية المتعلقة بشهوات النفس مع وجود قناعات عقلية صحيحة وهذا ما يحدث عند غالب الملتزمين وهو ما يسميه بعضهم الانفصام بين النظرية والتطبيق أو بين القول والعمل أو بين المسموع والمطبق .. سمه ما شئت
تطبيق على القواعد
والآن لو أردنا أن نطبق على ما نحن بصدده فنقول مثلا ...
أن الإنسان يستمع عن الآخرة وعن النار ويقتنع بلزوم العمل على عدم دخولها .... فنقول هنا أن الأفكار الصحيحة بدأت ... والملاحظ أن معظم الناس يقتنعون بهذا ولكن المشاهد أن أحدا لا تغيره مثل هذه القناعات ... إلا أن تبدأ بالخطوة الثانية
وهي تحويل هذه القناعات العقلية إلى اهتمامات قلبية .. وسنأتي لوسائل ذلك ... في الدرس القادم
والحقيقة أن هذه الاهتمامات تصبح محلا للصراع بين القناعات والشهوات وعلى قدر قوة أحدهما يتكون السلوك ....
ولا يكفي في حال الملتزمين أن تتحول القناعات العقلية إلى اهتمامات قلبية بل لا بد من هيمنة هذه القناعات أي لا بد من هيمنة مشاعر الخوف من الآخرة والاستعداد لها على القلب ... وعندها ستجد هذا الإنسان يتوقف كثيرا قبل أن يذكر أخاه بسوء .. كيف يذكره وهي تقدح بقلبه الذي أصبح مؤمنا ... وستجد آخر لا يتردد في التضحية من أجل هذه الاهتمامات ... ولذا كان من السهل أن يضحي رجل من أجل اهتماماته ومن الصعوبة أن تقنع آخر بالتضحية لشيء هو لا يهمه
وعلى قدر الفرق بين هيمنة مشاعر الخوف من الآخرة أو العبودية لله وبين شهوات النفس يكون رسوخ العقيدة وقوة الإيمان ...
وقد شبهوه بكفة ميزان فإذا افترضنا أن هيمنة مشاعر العبودية أو الآخرة تتساوى مع هيمنة شهوات النفس فإن ميزانك خفيف قد ترجح الشهوات لوجود نفخة هوى أو ريشة شهوة ... ولن تصبح راسخ الوزن حتى يصبح الفرق كبيرا وعندئذ يصح أن نسميك مسلما ثابتا راسخا أما قبل ذلك فأنت خفيف متقلب لا ثبات لك
عود على القواعد
اتفقنا على هذه السلسلة
أفكار صحيحة ثم تحويلها الى اهتمامات قلبية ثم العمل على هيمنة هذه الاهتمامات وبعد ذلك المحافظة على هذه الهيمنة.
ولو نظرنا إلى اول نقطة وهي الأفكار الصحيحة ... فهي من الأهمية بمكان فكثير من الناس يخطئون بالأصل فيكون الهلاك ولكن الحقيقة أنها ليست صعبة ويمكن تحصيلها بقليل من الجهد ... والحق أن المعركة الحقيقية إنما تكون في القلب ... هنا حقيقة المعركة ولن تستغرب بعد ذلك حين ترى تركيز القرآن والسنة على هذا المعنى.
وأود أن أحل خلافا تراه بين المفكرين فبعضهم مثل الشيخ الغزالي (المعاصر) يقول أن مشكلتنا مشكلة أفكار وآخرون مثل الشيخ البوطي يقول أن مشكلتنا مشكلة (قلوب) وبعد هذا الشرح فأنت لا ترى فرقا بينهما فالأول يدعو لتصحيح الأفكار لتكوين اهتمامات قلب صحيحة والآخر يدعو للتركيز على اهتمامات القلب المتسقة مع قناعات العقل
ولذا يصح أن نقول أن معركتنا هي معركة إيجاد قلوب متسقة مع الأفكار الصحيحة ... والأفكار الصحيحة موجودة .....فمن لإيجاد تلك القلوب؟؟؟ وهنا حقيقة التربية.
والغزالي والبوطي وغيرهم علماء يعرفون طريقهم جيدا وقد يعبرون بتعابير أنتجتها أحوال مروا بها ....

ولكن مشكلتنا الحقيقة مع أولئك الذين سمعوا كلام الغزالي مثلا فظنوا أنهم بالفكر وحده سيحلون المشكلات فكتبوا وأمسكوا أقلامهم وعقدوا الاجتماعات ثم لا تجد لأحدهم عينا دامعة .. أو تسمع لآخر تضرعا في الليل ... ولا تمسك أحدهم متلبسا بخشوع في صلاة ...
ولو فتشت قلبه فستجد عنوانا واحدا هو شهوات النفس يظهر عند أول خلاف لتسمع بعد ذلك صوت الشهوة ... كلمة نابية على اللسان وطعنا فيمن كان بالأمس أخ الفكر ... وهذا طبيعي لمن لم تهيمن عليهم مشاعر العبودية والذين ظنو دينهم فكرا يستنتج وعقلا يتحرك وهذا لعمري موجود عند كل البشر حتى إبليس عينه
وهذا تجده أيضا عند علماء ظنوا دينهم آية تتلى وحديثا يحفظ وفقها يستنبط ولم يتربوا على أن دينهم قبل ذلك هو انغماس في الذل والخضوع لله ... واستغراق في التفكر والخشية من الآخرة وهل العلم إلا هذا ... ثم يكون معرفة مراد الله من خلال الفقه والاستنباط ولا نقلل من قيمته .. فبدونه يريد الإنسان الخير ولا يصيبه .. ولكن بدون الاول فلن يريد الإنسان الخير مطلقا.
ولذا لما سئل الإمام أحمد عن معروف الكرخي وكان أقل علما من الإمام أحمد ... فقال الإمام أحمد كلمة تكتب بدمع العين ... وهل نريد من علمنا إلا ما وصل إليه معروف "يعني من الخشية". رضي الله عن الإمام احمد وعن الإمام معروف
ولو أننا ركزنا على هيمنة مشاعر العبودية على القلب ... فإنك ستلاحظ اختفاء مشكلاتنا بشكل سحري ... وستعرف العناء الذي بذله قوم من أجل طرد تلك المشكلات دون جدوى ... فهل تذكرت مثال الذباب!!!
جولة في بعض المصطلحات
يقولون الإيمان أولا ... وهذا صحيح بالمعنى الذي قلته لك لإن ذلك سيؤدي إلى تعديل كل السلوك وذلك بسبب هيمنة مشاعر العبودية على القلب ...
وإن سميتها العقيدة الراسخة فهذا صحيح ولكن تلك العقيدة القلبية التي تتجاوز شهوات النفس لتتحكم فيها ... وقد ظن بعضهم أن العقيدة التي لا تتجاوز العقل هي التي عناها القرآن بالتركيز وهذا وهم .. فهي على أهميتها إذ هي عاصمة من القواصم ولكنها لا تكفي لتكون دافعة ورادعة ولا أبالغ عندما أقول أن بعض المستشرقين الكفرة يملكها أكثر من المسلمين ولكن أين قلبه
ومما يثير عجبك ايضا ... انشغال بعضهم طول وقته وعمره في إثبات خلاف في العقيدة هو أقرب للفروع من الأصول ويظن أنه سالك مسلك العلماء في ذلك وحجته أنه عقيدة ولا أدري من الذي أفهمه هذا الفهم وهو كما قال عنه ابن فرات كرجل بال بين بحرين فتضافر بوله فظنه بحرا ثالثا ...ولو انه أتعب نفسه في مراد الله ورسوله من خلال تركيز العقيدة في القلب وهيمنة مشاعر الإيمان عليه لربح في الدنيا والآخرة
وبعضهم يقول هي تزكية النفس وهذا صحيح لأن النفس تتزكى إن سيطر على القلب الاهتمامات الصحيحة وعندها لن يكون للشهوات مكان ...
وهي القلب السليم .. وهو القلب الذي يهتم بالأشياء التي خلق من أجلها وعند هيمنة مشاعر العبودية عليه فإنه سيتخلص من أمراضه المتعلقة بحب الجاه أو العجب أو الحسد
وهي عند بعضهم زيادة الروحانيات ... وهذا صحيح إذ الروح هي التي تتطلع وتحن لخالقها ولن يكون ذلك حتى تتخلص من سيطرة شهوات النفس ولن يكون ذلك حتى تسيطر الاهتمامات الصحيحة ...
وبعضهم يظن أن مجال الروحانيات مجال مندوب خاص بالورعين ومن يتطلعون للرقي وهو كما رأيت معنى مهم من معاني الإيمان القوي والعقيدة الراسخة
وآخرون يقولون زيادة العلاقة مع الله ... وأترك لك الربط ههنا
المهم أن تعلم أن الإيمان القوي أو القلب السليم هو مهمة عليا من المهمات التي فرضها الله عليك وليس كما يظن البعض من طلبة العلم والدعاة أمر هامشي يذكر في أول الاجتماع أو يقتطعون له نصف صفحة من مجلة ,.. بل هو من غير مبالغة الجذر الذي به يكون النمو والحياة .. والأساس الذي بدونه ينهدم البيت على رؤوس أصحابه
وحلقة قادمة أتحدث فيها عن كيفية تحصيل هذه السلسلة التي ذكرت وأخطاء في العلاج .. وإلى لقاء بإذن الله
تلخيص
قلنا أن الناس والجماعات يتعبون كثيرا في إيجاد حلول لمشكلاتهم ... وقلنا أن الوضع الصحيح هو معالجة أسباب المشكلة ...
وقلنا أن كل سلوك إنساني ينبع من الجزء المسيطر على القلب .... وإذا أردنا أن نحل أي مشكلة لا بد لنا من التفكير في القلب كثيرا
الله والآخرة مقابل الشهوات والدنيا
وقد أفضنا فيه في جزء الاهتمامات ولا بأس من التذكير قليلا ...
قلنا أن الأمور المسيطرة على القلب واحد من اثنان
إما شهوات النفس مع الدنيا وهذا الإنسان بوضعه الطبيعي ... وإما الله والآخرة وهذا الإنسان الذي تربي ونقل نفسه من طبيعته البشرية إلى طبيعته المؤمنة
السبيل لحل أي مشكلة
هو غرس معنى العبودية لله والاستغراق في الآخرة ... ثم إضعاف سيطرة شهوات النفس والرغبة في الدنيا ...
أو بعبارة أخرى
الانخلاع من عبودية النفس والانغماس في عبودية الخالق سبحانه .... وطرح الدنيا من القلب والاستغراق في الآخرة هي أول الطريق ...
ألم تر إلى النبي عندما شخص العلة قصرها على واحدة ولم يفرع .. حب الدنيا وكراهية الموت .......
وكأنه يقول للصحابة ركزوا ذهنكم في هذه المشكلة وعندئذ تروا كل شيء قد أصبح على ما يرام وهو من جوامع الكلم ولقد مر معك عن أهمية الاهتمامات فراجعه واقرنه مع حديث رسول الله يأتيك من الفهم إن شاء الله ما يساعدك على معرفة الطريق
أهمية البدء بذلك
1.
هو مطلوب الله فالله يريد من الناس أن يتحرروا من رق العبودية لأي شيء ويتجهوا عبيدا له سبحانه
2.
هو أساس الامتثال والانتهاء وهل يريد الناس غير ذلك وهو تحكمهم في الفعل والترك
3.
القاضي على الشهوات .. ولا أحسبك تغفل أن مصيبتنا الأولى هي اتباع الهوى والذي هو ثمرة لشهوات النفس
ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا
4.
هو الذي يحدد مصيرك في الآخرة ... إلا من أتى الله بقلب سليم
5.
أساس المعية الإلهية في الدنيا وهي سر النجاح
نعم هذه نقطة البداية وأكرر نقطة البداية والذي لا يبدأ بهذا فجهده ضائع وسيبقى طول دهره يحاول حل مشكلاته أو مشكلات جماعته دون جدوى ..
وكم أحزن حين أرى هذا الجهد الضائع في زمن لا يحتمل تأخيرا لعملية البناء الصحيحة ... فالعمر قصير والواجب ضخم والعمل يجب أن يبدأ من الآن.
أقصوصة صغيرة
قصها علي شاب غير ملتزم قبل عامين.. يقول : طوعت لي نفسي كالعادة حضور مقاطع إباحية وذهبت للإنترنت ... وبينما أن أبحث عن الموقع ناداني مناد من دواخلي آلله أعظم أم هذا آلله أحسن أم هذا آلله أحب إليك أم هذا ... شعرته اخترق قلبي اختراقا ... فقلت بصوت منخفض الله ..
تابعت البحث فجاءني نفس الصوت ... آلله أعظم أم هذا وقد شعرت بارتفاع الصوت لأول مرة أشعر بوجود رب عظيم يراقبني ... وانا صغير صغير صغير وبعد ذلك أتحداه بهذه المعاصي ... فقلت بصوت عال (الله احسن الله احب الله اعظم) وهربت عن الجهاز ... ثم ذهبت إلى جهاز التلفاز وذهبت لقناة المجد للقرآن فوجدت صوت القارئ يصدح
"
قالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون"...
إلى قوله تعالى
"
وكذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين"....
فبكيت وقلت هل يعقل أن أكون منهم ثم أعلنت توبتي بحزم من كل شيء من المواقع من الحديث مع البنات من أشياء كثيرة لا أحب ذكرها
ولقد رأيت الشاب قبل أيام ونور الإيمان يخرج من وجهه وحب الله وتعظيمه تعرفه من ثنايا كلامه فانظر واعتبر
الحلول المؤقتة والبناء الصحيح :
أعرف من الشباب من يتلبس بالعلل منذ 10 أعوام ولما ينته منها والسبب "الحلول المؤقتة" ... ولو أنه بذل جهده في أقل من ذلك ليبني إيمانه بناء صحيحا لوجد هذه العلل قد تلاشت وأصبحت في نفسه مثل الكفر البواح.
ولا بأس من الحلول المؤقتة وقت البناء لكن دون نسيان البناء ... ولقد شبهوا الإنسان ومعاصيه برجل تمطر الدنيا عليه –والمطر هو المعاصي- فأراد التخلص منه بوضع شيء فوق رأسه.... نعم سيحميه قليلا ولكن لن يطول إلا إذا قرر بناء البيت ... سيبني الأساس ولن يحميه من المطر ثم الأعمدة ثم السقف والآن قد بدأت الحماية الراسخة القوية المتينة ... ولا بأس عليه وقت البناء أن يلبس فوق رأسه (وهذه الحلول المؤقتة) ولكن إذا بنى بناءه بناء صحيحا فبأمكانه النظر للمطر وهو ينزل .. وهو منه في حصن حصين .....والسبب هو البناء الراسخ القوي
انظر معي إلى قوله سبحانه وتعالى ...
والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم ....
أرأيت كيف يجعل الله الإيمان كالبيت وأن الأنصار قد تبوؤا هذا البيت أي توطنوه وسكنوه فانظر إلى هذا العلو والرسوخ ... فهم سكنوا الأيمان واتخذوه وطنا وبيتا .. ولا شك بأن هذا الوصف من أرفع الأوصاف الإيمانية
يحبون من هاجر إليهم ...
هذه الثمرة الأولى لهذا البناء الراسخ .. يحبون قوما .. هل رأوهم؟ لا... هل تربطهم بهم أواصر قربى ؟ لا ... فكيف هذا الحب؟ ... إنه الإيمان الراسخ الذي من خلاله أحبوا الله وعظموه ثم بعد ذلك أحبوا وعظموا كل ما يتعلق به سبحانه .. وأعظمه "عباد الله في أرضه"
ألا ترى المحب حين يسمع بقدوم والد محبوبه يكرمه ويعظمه ويأنس به وكأنه جالس مع محبوبه ... "ومن أجل عين بتكرم ألف عين"
وحين ترى ذلك الشاعر المخبول يقول
أمر على الديار ديار ليلى ******أقبل ذا الجدار وذا الجدار
وهذا حب أنسي لأنسي فكيف بحب الله ولله المثل الأعلى ..
فالذي امتلأ قلبه بمحبة الله وفاضت على نفسه بأنوارها ... حين يرى أخاه المسلم فإنه يضعه على الرأس والعين ويرفعه إلى أسمى مقام... وعين قلبه ناظرة إلى محبوبه الأعظم تناجي ربها بهمس المحبة
"
إلهي هذا عبدك قد أكرمته ورفعته ووقرته ومن أجلك يا إلهي أفديه بروحي وبنفسي ... يكفيه يا إلهي أنه ارتبط معك برابط العبودية وشهد لك بالوحدانية يكفيه ذلك لأجعله عندي أعلى من نفسي ... فكيف وقد علمت أنك أمرتني أمرا بمحبته وصون عرضه وستره .. فهل أملك بعدها أن أوذيه أو أحقره أو أغضبه ... هل أملك يا ربي يا مبتغاي وغايتي أن أنزل محبته من قلبي ولو آذاني ... حبي له من أجلك ولن يزول إلا إذا أمرتني بذلك ... إلهي هل وفيت حق عبدك المسلم"
وأكثر الحب الذي تراه ليس ناتجا عن محبة الله الصافية ... وإنما هو استرواح نفس و تشاكل صفة... ولذا ينقلب بغضا لأدنى شهوة.
وذلك لأن حقيقة الحب في الله إنما هو ثمرة لحب الله ولن يكون الثمر دون وجود الجذر
ولا ننفي وجود الحب في الله ... ولكن أردنا أن ننفض الغبار عنك فالخير كثير جدا ولكن لا بد لنا من تصفيته وتجليته.
ولي في هذا المقام كلمة
الا ترى معي ذلك الجهد الكبير الذي تبذله بعض الجماعات لإزالة البغضاء من نفوس أعضائها لبعضهم البعض ... وتتكلم معهم كثيرا عن الحب في الله والنتيجة في كثير من الأحيان تمسك البعض بالمقاطعة من أجل الدين... ابحث عن السبب .. والذين تبوؤوا الدار الإيمان ... هؤلا هم الذين يحبون من أجل الإيمان وأما غيرهم فلن يحبوا من أجل الإيمان ولو أسمعتهم ما أسمعتهم عن الحب من أجل الإيمان ... أدخلهم البيت أولا ثم انظر إلى "نفائس الحلة في التآخي والخلة"
ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ....
لا يجدون حسدا على المهاجرين لإنهم أخذوا الفيء ... فقلوبهم عنوانها واحد ... رضا الله والآخرة وهم يتلهفون لما يتعلق بهذا العنوان .... وأماغيره من الأمور فلا يزن في قلوبهم شيئا ولا يهمهم بحال ... لم يتلهفوا قط لمنصب ولم يقتتلوا عليه ولن!!! ترى الواحد فيهم أميرا وقائدا متبعا وهو في قمة تواضعه إذ لا حاجة في قلبه من هذه الشهوات ... لماذا ؟ لأنهم تبوؤوا الإيمان وتبوأ الإيمان قلوبهم فدمغ باطل الشهوات وأزهقه.
ويؤثرون على أنفسهم ...
لأن الله أصبح في قلوبهم أجل من أنفسهم وأعظم فهم لا يترددون في تفضيل إخوانهم على أنفسهم .. ولو كان بهم خصاصة والعلة ذلك الإيمان الذي سكنوه وسكنهم
ومن يوق شح نفسه ...
وذلك التبوؤ للإيمان هو الذي أمسك بزمام هذه النفس الملتوية المتفلتة الشحيحة ... ولذا لم تر لها أثرا فيما مضى من صفات ...
ولما اختفت هذه النفس من حياتك حق لك أن تكون من المفلحين....فأولئك هم المفلحون
هذا نمط من أنماط التربية القرآنية الفذة التي تأخذ المسلم لحقائق الأمور
إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم
شجرة الإسلام والجذر المفقود
كنت مرة في زيارة صديق ... فلفت نظري هذا المنظر ... ابنه الصغير يحاول صناعة الشجرة أحضر الساق من شجرة مقطوعة ... ثم ربط بها بعض الأغصان ... وأحضر بعض الورق ... ثم اشترى له أبوه بعض الثمار فعلقها ... فظهرت وكأنها شجرة حية نضرة في صورتها ...
تبسمت قليلا ... وبكل أدب قال لي الطفل : لم تضحك علي يا عم ... قلت له : مجهود طيب ولكن الشجرة تزرع زراعة وليست تركب تركيبا .... لم يفهم علي ... وانتهت الزيارة
مضى أسبوع ورجعت لزيارة ذلك الصديق ... وإذا بالشجرة قد ذبلت وجفت أوراقها وعفنت ثمارها ... والطفل حزين على جهده الذي ضاع سدى ... واستذكر كلامي الذي قلته له ...
فقال لي : ما الذي حصل مع هذه الشجرة ولماذا لم تنبت مثل بقية الشجر ... قلت له : شجرتك صورة ... قال وماذا تعني بالصورة ...
قلت لهإن حقيقة الشجرة تتمثل في الجزء المخفي منها... الجذر.... وبدونه لن تكون شجرة أبدا -مهما حاولت -إلا إذا أردت أن تحضر لك شجرة بلاستيكية تتسلى بمنظرها
والحقيقة أن مثال الشجرة يفيد الطالب للحق كثيرا ...
فكم من أناس حاولوا تركيب ثمار الالتزام عليهم دون وجود جذر الالتزام الحقيقي ... فكان التزامهم صورة لالتزام نضر مزهر سرعان ما يجف ويذبل عند الفتن ... حتى ولو ترقوا إلى أعلى الرتب بين الخلق فهم لاشك في أدناها وأبعدها عند الحق سبحانه ...
ومثلهم كمثل ذلك الجبل الجليدي يبهرك عظمه وتأخذك عظمته... ولكن سرعان ما يذوب إن قرب من نار الفتن.
الممثل لا يخرج إلا ممثلا

وكم مرب قد قابلته في المسجد أو في دوائر للتربية أخرى يحاول جاهدا إلباس الطالب لبوس الالتزام ويزينه بأوراق الدين دون أن يغرس في قلبه ونفسه جذر التربية الحقيقي والنتيجة تخلي الطالب عنه عند بداية تحرك الشهوات في الصفوف المتقدمة ويتحسر الشيخ على جهده الذي ضاع سدى ..
وهو شبيه- فيما أرى- بذلك الطفل الذي ركب الشجرة وليس الذنب ذنب الطفل بل الذنب ذنب الذي اقتنع بإمكانية زراعة الشجر بطريقة الأطفال ...
وأنى لشيخ لم يعش مع الجذور فترات ولم يعرف الجزء المخفي من المؤمن .. أنى له أن ينشئ جذورا عند غيره ..أو يبني سرا في طالبه ....هيهات هيهات
وكما يقولون فإن الممثل لن يتخرج على يديه إلا ممثل مثله وتستمر حلقة التمثيل حتى تفجأنا نار الفتن وعندها ستتفلت الامور من يد المخرج
ما المطلوب
أولا وآخرا التركيز الشديد جدا على هيمنة مشاعر العبودية والإيمان على القلب والانتقال بها الى حالة الرسوخ الشديد وعندها نكون قد وجهنا جهودنا نحو الصواب
التركيز الموجود
محاسبة في آخر الدرس ... ذكر لله لا يتعدى 10 دقائق في اليوم ... وقراءة قد نغفل عن معظمها وصلاة لا نتذكر فيها الله سوى عند تكبيرة الإحرام والسلام ...وإذا أرادوا زيادة الإيمان والرسوخ فيه ... فقيام أسبوعي وصيام وإفطار جماعي في السنة ولمرة واحدة....أهذا تركيز ينتج قوة وبناء ... لا والذي فطر السموات
تركيز النبي صلى الله عليه وسلم
من أول الإيمان ... قيام لليل يتعدى نصفه ويتواصل لنصف سنة ثم خفف إلى الثلث....تدبر للقرآن في دار الأرقم وآيات تتنزل عن الله وعظمته والآخرة وأهميتها ... ذكر لله على كل حال .... 
فانظر كم كان الصحابي يسمع كلمة الله في يومه ... ثم انظر الى تلك الجولة التدريبة في الليل والتي تجبره على الوقوف أمام ربه ساعات وكذلك الركوع والسجود والتي يخرج منها قد سكنت عظمة الله قلبه... ثم قارن هذا بما يسمى التربية الإيمانية في هذا العصر لتعرف سر التغيير