رسالة إليك إلهي ..

لأن كل الرسائل لا تصل .. لأحد
سوى تلك التي يهمس بها قلبي إليك ..
لأنني انتظرت الرد كثيراً .. كثيراً
ولم أر الرد .. رغم وصوله مرات .. ومرات
ومنذ اللحظة الأولى وربما قبل الشروع في فعل الكتابة
ثم اكتشفت أنني لا أحسن الرؤيا .. ولا القراءة ..

فقد اتسعت ثقوب القلب كثيراً ..
و أصبح ظاهراً أنه لم يعد صالحاً ليفقه شيء ..
وصار لازماً أن أرميه بعيداً عني ..
بل أن أنزعه من صدري لأرميه خارج حياتي كلها ..

أحاول بصدق أن أنزعه لكن نزعه أيضاً معناه موتي بطريقة أخرى
و الأدهي أنني اكتشف في كل مرة أنزعه فيها
و أزرع مكانه قلباً أبيض ..
 أنه سرعان ما يكتسي بالسواد من جديد !!
يكتسي بالماضي الذي لم يحررني منه بعد

أتوق للحظة حرية حقيقية من قيود الأمس و سواده
لحظة أخلق فيها من جديد
خلقاً غير الخلق
قلباً غير القلب ..
وحياة غير الحياة ..

رميت بهموم الأمس
بعلائقه
ولعناته
وكراهيته التي استوطنتني أمداً بعيد
رميت حتى بذكرياته

بكيت فيها ولأول مرة منذ سنوات ولأيام
وحتى تلك الدموع المخبئة التي ظننت أنني لن أبكيها أبداً
خرجت ..
خرجت عنوة
وكأنها تخبرني
 أنها لم تعد قادرة على الاختباء لزمنٍ أطول
وظننت للحظة أنني تحررت ..!!

يا الله  
قيل لي أن البياض يمحو السواد
و أن اليوم يمحو الأمس
و قيل لي أيضاً أن المظلوم يُنصر
و الحق يُسترد .. ولو بعد حين
و أن الدعاء الصادق لابد يُستجاب ..

قيل لي أن هناك أيام في العمر بيضاء
الشمس فيها تتضح كما لا تفعل في أي يوم آخر من أمآد الحياة
قيل لي أن بعد التعب راحة
بعد الصبر فرج ..
و أن للقلوب بعد الموت حياة ..

و أنا يارب أصدق كل نبوءات الأنبياء
أنا يارب مددت يدي لقلبي ونزعته رغم آلآم الوجع
رغم صرخات الاستغاثة
رغم الف الف داء
لكني يارب
لم أفلح في نزع السواد ..
فهل يارب يشفع لي ضعفي
طفولة صباي
عمى الجهالة فيَّ
عمى التوق للحرية الذي استوطنني كما أي إنسان
فلم أبصر ما خبئته لي من أبجديات التعلَّم في غابر الأيام
ولم أعي بعد دروس الحياة ..
فما زلت غارقة في طفولتي ..
ومازال غيم الجهل يظللني ..

يارب ..
هل يشفع لي قسوة الزمن و الناس ونفسي
هل يشفع لي أنني أردت ولم استطع
حاولت ولم أفلح .. ليس كما يجب ..
بل بحسب ما استطعت ..
هل يشفع لي أنني مجرد إنسان
إنسان من الضعف خلق وفي الضعف عاش

يارب إذا ذلك لم يشفع لي عندك
فليس عندي ما أقدمه غير أنك ربي و أنا عبدتك
وحسبي من سؤالي علمك بحالي ..
و أنك أرحم بي مني ..